تأخر الدورة الشهرية بدون حمل: 7 أسباب شائعة ومتى يجب زيارة الطبيب؟
لا أحد يحب قدوم الدورة الشهرية، لكنها في الوقت نفسه مؤشر أساسي على صحة الجهاز التناسلي وتوازن الهرمونات. وعندما تتأخر الدورة أو تغيب فجأة مع التأكد من عدم وجود حمل، يبدأ القلق والأسئلة: هل الأمر طبيعي؟ أم أنه علامة على مشكلة صحية يجب الانتباه لها؟
تمر معظم من وُلِدْنَ مؤنثات (AFAB) في المتوسط بحوالي 500 دورة شهرية خلال حياتهن. ويتراوح طول الدورة الشهرية الطبيعية بين 21 و45 يومًا، مع متوسط شائع يبلغ حوالي 28 يومًا. ومع مرور الوقت، يستقر الجسم غالبًا على نمط ثابت للدورة، لذلك فإن أي تغير واضح أو مستمر في هذا النمط يستحق المتابعة.
في هذا المقال سنشرح أسباب تأخر الدورة الشهرية بدون وجود حمل، والعوامل التي قد تؤثر في انتظامها، ومتى يجب عليكِ استشارة الطبيب للحصول على تشخيص دقيق وعلاج مناسب.
ما هو تأخر أو انقطاع الدورة الشهرية؟
عندما تتوقف الدورة الشهرية أو تتأخر لفترات طويلة مع استبعاد الحمل، يطلق الأطباء على هذه الحالة اسم انقطاع الطمث (Amenorrhea). وهذه الحالة ليست مرضًا في حد ذاتها، بل هي عرض لحالة أخرى مثل اضطراب هرموني، أو مشكلة في المبايض، أو تأثير الأدوية أو نمط الحياة.
يمكن أن يؤدي استمرار عدم انتظام الدورة لفترة طويلة إلى:
- ضعف التبويض وتأثر الخصوبة على المدى البعيد.
- اضطراب في مستويات الهرمونات الأنثوية.
- زيادة احتمالية حدوث سن يأس مبكر عند بعض النساء.
لذلك من المهم عدم إهمال تأخر الدورة المتكرر أو انقطاعها لفترات طويلة، خاصة إذا كان مصحوبًا بأعراض أخرى في الجسم.
1. العمر وتغيرات المراحل الهرمونية
توجد مرحلتان في حياة المرأة يكون فيهما عدم انتظام الدورة الشهرية أمرًا شائعًا وطبيعيًا:
بداية البلوغ
خلال السنوات الأولى بعد نزول أول دورة شهرية، قد تشعر الفتاة بأن دورتها غير منتظمة إطلاقًا؛ أحيانًا تأتي مبكرًا، وأحيانًا تتأخر أشهرًا. هذا الأمر طبيعي؛ لأن الجسم يكون في حالة تكيّف هرموني، وقد تحتاج الدورة من 2 إلى 6 سنوات حتى تستقر وتنتظم.
الاقتراب من سن اليأس (ما قبل انقطاع الطمث)
عادة ما يحدث الانتقال إلى سن اليأس بين عمر 45 و55 عامًا. وخلال هذه الفترة، تبدأ مرحلة تُسمى ما قبل انقطاع الطمث (Perimenopause)، وفيها تتعرض المرأة لعدة تغييرات:
- في المرحلة المبكرة: تصبح الدورة غير منتظمة؛ قد تقصر أو تطول الفترة بين الدورات.
- في المرحلة المتأخرة: قد تتأخر الدورة لأكثر من 60 يومًا، ثم تعود، ثم تنقطع مرة أخرى.
هناك حالات خاصة أخرى مرتبطة بالعمر:
- قصور المبيض الأولي (القصور المبكر للمبيض): توقف المبيض عن العمل قبل سن الأربعين، ما يؤدي إلى تأخر أو انقطاع الدورة.
- سن يأس مبكر: انقطاع الدورة نهائيًا بين عمر 40 و45 سنة بدون أن يكون السبب قصورًا في المبيض.
- سن اليأس الكامل: إذا مرّ عام كامل دون نزول دورة بعد سن الخمسين، غالبًا تكون المرأة قد دخلت في مرحلة انقطاع الطمث.
2. التوتر والضغط النفسي
التوتر النفسي المزمن من أقوى العوامل التي تؤثر في الجسم بشكل عام، وفي الدورة الشهرية بشكل خاص. فعندما يكون الجسم تحت ضغط مستمر، يزداد إفراز هرمون الكورتيزول، ما يؤثر في مركز التحكم في الهرمونات في الدماغ، المعروف باسم تحت المهاد (Hypothalamus).
هذا الخلل يمكن أن يؤدي إلى:
- تأخر الدورة الشهرية عن موعدها المعتاد.
- عدم انتظام النزيف بين شهر وآخر.
- انقطاع الدورة تمامًا في بعض الحالات (انقطاع طمث وظيفي بسبب التوتر).
إذا كنتِ تمرين بفترات ضغط نفسي مستمر بسبب العمل، الدراسة، المشاكل الأسرية أو غيرها، ولاحظتِ تأخرًا مستمرًا في الدورة، فقد يكون التوتر عاملاً مهمًا يجب التعامل معه بجدية.
3. متلازمة تكيس المبايض (PCOS)
متلازمة تكيس المبايض من أكثر أسباب اضطراب الدورة الشهرية شيوعًا في سن الإنجاب. تحدث هذه المتلازمة عندما ترتفع بعض الهرمونات الذكرية (الأندروجينات) في جسم المرأة، مما يؤثر في التبويض.
بسبب هذا الخلل الهرموني، قد تتكون أكياس صغيرة (تكيسات) على المبيض، ويحدث:
- توقف أو ضعف التبويض.
- تباعد كبير بين الدورات الشهرية.
- أحيانًا انقطاع الدورة لعدة أشهر.
من الأعراض الأخرى المرافقة لتكيس المبايض:
- حبوب في الوجه أو الظهر أو الصدر.
- زيادة نمو الشعر في الذقن أو الوجه أو الصدر.
- اسوداد أو تغمّق بعض مناطق الجلد، خاصة ثنيات الرقبة وتحت الإبط.
- صعوبة فقدان الوزن أو زيادة الوزن بسهولة.
في حال اجتماع تأخر الدورة مع هذه العلامات، يجب مراجعة الطبيب لإجراء التحاليل اللازمة ووضع خطة علاج مناسبة.
4. الوزن الزائد أو النحافة الشديدة
الوزن من العوامل المهمة جدًا في تنظيم الدورة الشهرية؛ لأن الدهون في الجسم تشارك في إنتاج الهرمونات.
النحافة الشديدة أو اضطرابات الأكل
عندما يكون مؤشر كتلة الجسم منخفضًا جدًا، أو عند وجود اضطرابات في الشهية مثل فقدان الشهية العصبي، قد:
- يتوقف التبويض تمامًا.
- تغيب الدورة لأشهر متتالية.
- يختل إنتاج الهرمونات الأنثوية بسبب سوء التغذية.
الوزن الزائد والسمنة
في المقابل، قد يؤدي الوزن الزائد والسمنة إلى:
- زيادة مستوى هرمون الإستروجين بشكل غير متوازن.
- اضطراب الدورة وتباعدها.
- زيادة احتمالية الإصابة بتكيس المبايض أو زيادة حدته.
لهذا، فإن الوصول إلى وزن صحي متوازن يساعد كثيرًا في تحسين انتظام الدورة الشهرية والحالة الهرمونية عمومًا.
5. موانع الحمل الهرمونية
تعتمد معظم وسائل منع الحمل الهرمونية على تغيير نمط الهرمونات في الجسم لمنع الإباضة أو تغيير بطانة الرحم. لذلك قد تلاحظ المرأة تغيرًا واضحًا في الدورة عند:
- بدء استخدام وسيلة منع حمل جديدة.
- التوقف المفاجئ عن الوسيلة.
- تغيير نوع الحبوب أو اللولب أو الحقن.
من الوسائل التي قد تسبب تأخر أو انقطاع الدورة:
- اللولب الهرموني.
- الغرسات (الشرائح) تحت الجلد.
- حبوب البروجستيرون فقط.
قد تحتاج الدورة إلى شهرين إلى ثلاثة أشهر بعد التوقف عن موانع الحمل حتى تعود إلى نمطها الطبيعي. ومع ذلك، إذا استمر الانقطاع لفترة أطول، فيجب مراجعة الطبيب.
⚠️ في حال استخدام اللولب مع غياب الدورة تمامًا، يجب استبعاد الحمل خارج الرحم عن طريق زيارة الطبيب فورًا.
6. مشكلات الغدة الدرقية
تلعب الغدة الدرقية دورًا مهمًا في تنظيم عمليات الأيض والطاقة في الجسم، كما تؤثر بشكل غير مباشر في الهرمونات الجنسية. سواء كانت الغدة:
- نشِطة أكثر من اللازم (فرط نشاط الغدة الدرقية)
- أو كسولة (قصور الغدة الدرقية)
فإن ذلك قد يؤدي إلى:
- تأخر الدورة أو عدم انتظامها.
- تغير في الوزن (زيادة أو نقص).
- إحساس بالتعب العام أو الخمول.
لهذا غالبًا ما يطلب الطبيب فحوصات الغدة الدرقية عند تقييم أي حالة تأخر أو انقطاع للدورة الشهرية.
7. الأمراض المزمنة وبعض الأدوية
بعض الأمراض المزمنة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في الدورة الشهرية، مثل:
- السكري.
- الداء البطني (حساسية القمح).
- التهابات الحوض المزمنة.
كذلك قد تؤدي بعض الأدوية إلى تأخر أو انقطاع الحيض، مثل:
- بعض أدوية الصرع.
- مضادات الاكتئاب.
- بعض أدوية الاضطرابات النفسية.
- العلاجات الكيماوية.
- أدوية الغدة الدرقية.
في هذه الحالة يجب إبلاغ الطبيب بكل الأدوية المستخدمة حتى يستطيع تقييم تأثيرها المحتمل على الدورة.
متى يجب زيارة الطبيب عند تأخر الدورة الشهرية؟
أول خطوة عند تأخر الدورة هي استبعاد الحمل عن طريق اختبار منزلي أو مخبري. إذا كانت النتيجة سلبية، أو لم تمارسي الجماع منذ آخر دورة، واصلت الدورة في التأخر أو الانقطاع، فمن الأفضل مراجعة الطبيب في الحالات التالية:
- تأخر الدورة لشهرين أو أكثر متتاليين بدون سبب واضح.
- تكرار تأخر الدورة أو انقطاعها لفترات متباعدة.
- ظهور أعراض أخرى مثل ألم شديد، نزيف غير طبيعي، إفرازات غير معتادة أو زيادة الشعر وحب الشباب.
- إذا كان عمرك أقل من 40 عامًا وبدأت دورتك تنقطع لفترات طويلة.
- إذا كنت تستخدمين لولبًا أو وسيلة هرمونية ولا تأتيك الدورة لفترة طويلة.
سيسأل الطبيب عن تاريخك الصحي، ونمط حياتك، والأدوية التي تتناولينها، ثم يحدد الفحوصات المناسبة مثل:
- تحليل هرمونات.
- فحوصات الغدة الدرقية.
- تحاليل سكر الدم.
- أشعة تلفزيونية على المبايض والرحم.
الخلاصة: لا تتجاهلي إشارة جسمك
تأخر الدورة الشهرية بدون وجود حمل قد يكون أحيانًا أمرًا عابرًا مرتبطًا بتوتر أو تغيير مؤقت في نمط الحياة، لكنه في أحيان أخرى يكون إشارة مبكرة لحالة صحية تحتاج إلى متابعة. الخبر الجيد أن معظم الأسباب التي تؤدي إلى تأخر الدورة أو انقطاعها يمكن علاجها أو التحكم فيها عند التشخيص المبكر.
احرصي على:
- تسجيل مواعيد دوراتك الشهرية بانتظام.
- الانتباه لأي تغير واضح في نمط الدورة.
- مراجعة الطبيب عند استمرار التأخر أو ظهور أعراض غير طبيعية.
- اتباع نمط حياة صحي يشمل تغذية متوازنة، نومًا كافيًا وتقليل التوتر.
جسمك يتحدث إليك من خلال هذه الإشارات… استمعي إليه، واعتني بصحتك على المدى الطويل.
