تعتبر ليلة القدر من أعظم الليالي وأفضلها في الإسلام، حيث خصها الله تعالى بفضائل عظيمة وميزها بمكانة رفيعة لا تضاهيها أي ليلة أخرى. وقد أفرد الله سبحانه وتعالى لهذه الليلة سورة كاملة في القرآن الكريم هي سورة القدر، مما يدل على عظم شأنها وأهميتها. وسميت بليلة القدر لعظم قدرها ومكانتها عند الله تعالى، أو لأن فيها يقدر الله ما يكون في السنة كلها من أحداث وأرزاق وآجال.
زمن ليلة القدر
اختلف العلماء في تحديد موعد ليلة القدر، وذلك استنادا إلى الأحاديث النبوية المختلفة. وفيما يلي توضيح لوقتها:
- في شهر رمضان:
أجمع علماء الإسلام على أن ليلة القدر تقع في شهر رمضان، وذلك استنادا إلى قول الله تعالى: إِنّا أنزلناه فِي ليلةِ القدرِ وقوله تعالى: شهر رمضان الّذِي أنزِل فِيهِ القرآن. فهاتان الآيتان تدلان على أن ليلة القدر تقع في شهر رمضان.
- في العشر الأواخر من رمضان:
معظم الأحاديث النبوية تشير إلى أن ليلة القدر تقع في العشر الأواخر من شهر رمضان. فقد ورد في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». وفي حديث آخر: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان».
- في الليالي الوترية من العشر الأواخر:
هناك أحاديث تشير إلى أن ليلة القدر تكون في الليالي الوترية من العشر الأواخر من رمضان، أي في ليالي 21 أو 23 أو 25 أو 27 أو 29 من رمضان. فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان».
- الترجيح بالليلة السابعة والعشرين
كثير من العلماء يرجحون أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، وذلك استنادا إلى حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، الذي قال: "والذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان، وإني لأعلم أي ليلة هي، هي ليلة سبع وعشرين". وفي رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بقيام ليلة سبع وعشرين.
حكمة إخفاء ليلة القدر
لقد أخفى الله تعالى تحديد ليلة القدر بشكل قاطع عن المسلمين لحكم عظيمة، منها:
- إن عدم تحديد ليلة القدر بدقة يدفع المسلمين إلى الاجتهاد في العبادة طوال العشر الأواخر من رمضان، أملا في إدراكها.
- إخفاء ليلة القدر يختبر مدى حرص المسلم على العبادة والطاعة حتى مع عدم اليقين بالموعد المحدد.
- يدفع المسلمين إلى البحث في النصوص الشرعية والتدبر فيها للوصول إلى ترجيح علمي مبني على الأدلة.
- لو كانت ليلة القدر محددة بيوم واحد، لتركز اهتمام الناس عليها وأهملوا بقية الليالي.
علامات ليلة القدر
هناك عدة علامات ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم لليلة القدر، تساعدنا في التعرف عليها:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليلة القدر ليلة طلقة، لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء».
- وصفت بأنها ليلة ساكنة هادئة.
- تكون ليلة صافية لا شديدة الظلمة ولا شديدة الإضاءة.
- قال تعالى تنزّل الملائِكة والرّوح فِيها بِإِذنِ ربِّهِم مِّن كلِّ أمرٍ.
- قال تعالى سلام هِي حتّى مطلعِ الفجرِ.
فضائل ليلة القدر
لليلة القدر فضائل عظيمة منها:
- قال تعالى ليلة القدرِ خير مِن ألفِ شهرٍ، أي أن العمل الصالح فيها يعادل العمل في أكثر من ثمانين سنة.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
- قال تعالى تنزل الملائِكة والروح فِيها بِإِذنِ ربِّهِم مِّن كلِّ أمرٍ.
- ليلة القدر من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء.
- فيها يقدر الله ما يكون في السنة من رزق وأجل وخير وشر، كما أشار إلى ذلك بعض العلماء.
أعمال مستحبة في ليلة القدر
ينبغي للمسلم أن يجتهد في ليلة القدر بالعبادات والطاعات، ومن أهمها:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
- الدعاء، خاصة بدعاء عائشة رضي الله عنها: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».
- قراءة القرآن فهي الليلة التي أنزل فيها القرآن، فمن المناسب الإكثار من تلاوته.
- الإكثار من ذكر الله والاستغفار طلبا للمغفرة.
- مساعدة الفقراء والمحتاجين في هذه الليلة المباركة.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان التماسا لليلة القدر.
في ختام هذا المقال حول ليلة القدر، نستخلص أن هذه الليلة العظيمة هي نفحة إلهية وفرصة ربانية للتقرب إلى الله تعالى والفوز بمغفرته ورضوانه. وهي ليلة مباركة تقع في شهر رمضان، وغالبا ما تكون في العشر الأواخر منه، وتحديدا في الليالي الوترية، مع ترجيح كونها ليلة السابع والعشرين.