بقلم: وجيه الصقار
أثار قرار وزارة التربية والتعليم بإجراء امتحانات لطلاب الصف الأول والثاني الابتدائي، وخاصة في مادة اللغة الإنجليزية، جدلاً واسعًا لما يمثله من عبء غير مبرر على الأطفال والمعلمين وأولياء الأمور على حد سواء. لا يمكن وصف هذه الخطوة إلا بأنها "فنكوش تعليمي" يعكس غياب التخطيط العلمي والمنطقي لتطوير العملية التعليمية في مراحلها الأولى.
الامتحان غير ملائم للمرحلة العمرية
- نقص النمو العقلي والنفسي:
الأطفال في هذه المرحلة العمرية ما زالوا في طور النمو العقلي والنفسي، مما يجعل تعريضهم لضغط امتحانات بهذا المستوى أمرًا غير مبرر. الدراسات العلمية تؤكد أن التعليم التفاعلي والمرح هو الأنسب في هذه السن. - محتوى يفوق قدرات الطلاب:
مستوى امتحان اللغة الإنجليزية المصمم يعادل ما يدرسه طلاب المراحل الإعدادية أو الثانوية، وهو أمر غير منطقي لطلاب لم يمضوا أكثر من شهرين في التعرف على الحروف الإنجليزية. - انعدام التخصص:
غالبية معلمي الصفوف الأولى ليسوا متخصصين في اللغة الإنجليزية، حيث يُكلف بتدريس المادة معلمو مواد أخرى كالعلوم أو الجغرافيا، مما يقلل من جودة التعليم.
مشكلات بنيوية في النظام التعليمي
- ضعف البنية التحتية:
غياب معامل الصوت والوسائل التعليمية المناسبة يجعل من الصعب على الطلاب استيعاب اللغة بشكل صحيح، خاصة في المناطق الريفية. - اللجوء للدروس الخصوصية:
بسبب صعوبة الامتحان، يُجبر أولياء الأمور على اللجوء للدروس الخصوصية، مما يضيف عبئًا ماديًا ونفسيًا على الأسرة، ويقتل روح الطفولة لدى الطلاب. - التأثير على اللغة الأم:
التركيز على اللغة الأجنبية في هذه المرحلة المبكرة قد يؤثر سلبًا على إجادة الأطفال للغتهم الأم، مما يؤدي إلى ضعف في هويتهم الثقافية والوطنية.
تأثير السياسات العشوائية على الأجيال
- غياب الرؤية والتخطيط العلمي:
كل وزير يأتي بأفكار جديدة دون دراسة مستفيضة أو تواصل مع المتخصصين، مما يجعل العملية التعليمية حقل تجارب على حساب مستقبل الأطفال. - تجاهل الدراسات العلمية:
التعليم المبكر للغة أجنبية دون أساس قوي في اللغة الأم قد يؤدي إلى مشكلات في الهوية والولاء للوطن. - فقدان الثقة في التعليم:
مثل هذه القرارات تجعل المجتمع يفقد الثقة في النظام التعليمي، ويشعر أولياء الأمور بالإحباط تجاه مستقبل أبنائهم.
الخلاصة
إن تطبيق امتحانات بهذا المستوى في الصفوف الأولى يعكس افتقار النظام التعليمي إلى الرؤية الواقعية. يجب أن نركز على بناء أساس قوي من خلال التعليم المرح والتفاعلي الذي يناسب المرحلة العمرية للأطفال. لا يمكن أن يُقاس التطور التعليمي بفرض اختبارات صعبة وغير مدروسة، بل من خلال الاستثمار في جودة التعليم والمعلمين والبنية التحتية.
بدلاً من تقليد الغرب بلا فهم عميق، يجب أن نعمل على تطوير نظام تعليمي يناسب احتياجات مجتمعنا ويعزز من قيمنا ولغتنا وهويتنا. التطور الحقيقي لا يأتي من الشعارات الوهمية، بل من خطط علمية مدروسة تخدم الأجيال القادمة.