الحرب في شمال غزة: وضع إنساني مأساوي
تعيش منطقة شمال غزة، منذ بداية العمليات العسكرية الإسرائيلية، ظروفًا مأساوية لم تعهدها من قبل. يعيش المواطنون في حالة من الفقر والجوع ونقص حاد في المياه، كما أن الإمدادات الطبية شبه معدومة. يتحدثون عن وضعهم المتدهور بقلق شديد، مشيرين إلى أن الحياة لم تعد كما كانت، وأنهم يحاربون من أجل البقاء.
قصة فاطمة وعائلتها
فاطمة، امرأة في السابعة والثلاثين من عمرها، تعيش مع عائلتها المكونة من ثلاثين فردًا في منزلهم في جباليا. لم يعد لديهم سوى أرغفة قليلة من الخبز اليابس وأكواب محدودة من المياه العكرة. كل ما لديهم يعتمد على كمية ضئيلة من مياه مخزنة، والتي تكفي بالكاد لتلبية احتياجاتهم اليومية. تصف فاطمة حالتها بقولها: "حتى قضاء الحاجة بات مشكلة. أبحث عن قطع القماش لاستخدامها بدلاً من المحارم التي باتت وحياً من الخيال".
منذ الخامس من أكتوبر/تشرين الأول، بدأت العملية العسكرية في شمال غزة، واستهدفت مناطق مثل جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون. تتحدث فاطمة عن الأوضاع السائدة الآن، قائلة: "هذه المرة، نعيش أعنف وأسوأ وأخطر مرحلة من مراحل الحرب على الإطلاق".
الأوضاع الإنسانية المزرية
ورغم الوضع الإنساني الصعب في شمال غزة قبل العمليات العسكرية، فإن الأوضاع اليوم أصبحت لا تطاق. فقد غادر أكثر من نصف سكان الشمال، وبلغ عدد القتلى نتيجة القصف الإسرائيلي حوالي 1800 شخص، ومن بينهم أفراد من عائلة فاطمة. تتابع فاطمة سرد معاناتها، حيث فقدت والدتها وشقيقها نتيجة لانفجار ضخم خلال الهجمات.
تصف الوضع الراهن بوضوح: "هناك أشخاص لا نعرف ماذا حل بهم، فنحن لا نستطيع الاتصال بهم بأي شكل". التواصل مع الأصدقاء والأقارب أصبح مستحيلاً، ومعظم السكان تعاني من انقطاع الاتصالات.
الروائح الكريهة والمشاهدة المروعة
الوضع في شمال غزة تفاقم مع انتشار النفايات وجثث القتلى التي تحللت بسبب عدم قدرة الإسعاف والدفاع المدني على الوصول إلى المناطق المتضررة. كما اضطر البعض إلى الخروج للبحث عن شبكة الاتصال، لكن التجول في الشوارع محفوف بالمخاطر.
قد كانت بيت لاهيا ذات يوم منطقة خضراء، إلا أنها تحولت الآن إلى أرض قاحلة مليئة بالركام والدمار. يقول أحد المصابين في مستشفى العودة: "كنا نشاهد ألسنة النار تشتعل في مدارس عدة كانت مأوى للنازحين".
انهيار القطاع الطبي
مع تزايد القصف، شهد القطاع الطبي انهيارًا كاملًا. المستشفيات الثلاثة الرئيسية في شمال غزة خرجت عن الخدمة، مما جعل الجرحى والمصابين في وضع حرج. يقول أحد الأطباء: "هناك 150 حالة حرجة لا يمكن التعامل معها. نحن نقدم إسعافات أولية فقط". وفي ظل هذا الوضع المأساوي، تواصل معاناة السكان الذين يواجهون الموت في كل لحظة.
استنتاجات مؤلمة
لقد أصبحت غزة في حالة من الشلل التام، ويشعر الكثيرون هنا بأنهم محاصرون. الأمم المتحدة والهيئات الحقوقية الدولية تصف الوضع بالكارثي، حيث تتم عمليات عسكرية ضد المدنيين بطريقة فظيعة. الأراضي التي كانت مليئة بالحياة أصبحت الآن مدمرة، والسكان يعيشون حالة من الخوف والترقب. من المؤكد أن الوضع في شمال غزة يحتاج إلى تدخل عاجل، وإلا ستستمر المعاناة لفترة أطول.