عملية "مركبات جدعون" المرتقبة: بين الأسطورة والسردية الاستعمارية
تحليل رمزي وتاريخي لعملية "مركبات جدعون" العسكرية الإسرائيلية المرتقبة، ودلالات الاسم المستمد من التراث التوراتي وأبعاده الاستعمارية.
عادت إلى الواجهة مؤخرًا تسريبات حول عملية عسكرية إسرائيلية محتملة تحمل الاسم الرمزي "مركبات جدعون"، وهو اسم لا يخلو من دلالات دينية، توراتية، واستعمارية، مما يستدعي وقفة تأمل في خلفيات هذا التوظيف الرمزي وأبعاده.
من هو جدعون؟
"جدعون" هو أحد القادة العسكريين في العهد القديم، من سِبط منشي، وتروي قصته سفر القضاة في التوراة. قاد جيشًا صغيرًا مكوّنًا من 300 مقاتل فقط، انتصر بهم على جيش المديانيين الضخم، اعتمادًا على خطة محكمة، وتوجيه "إلهي" بحسب النص.
القصة تقول إنه بدأ بـ 32,000 مقاتل، لكن أمره الإله بتقليص العدد:
- 22,000 جبان انسحبوا.
- ثم تم اختبارهم عبر طريقة الشرب من النهر، وتم اختيار من شربوا وهم واقفون—300 فقط.
هؤلاء تم تصويرهم على أنهم النخبة المختارة: يقظون، مؤمنون، مستعدون للتضحية.
البعد الرمزي والديني
استخدام هذا الاسم في سياق عسكري ليس جديدًا. ففي نكبة عام 1948، شنت القوات الصهيونية "عملية جدعون" على منطقة بيسان لتهجير سكانها الفلسطينيين. واليوم، يعاد تدوير الرمز تحت عنوان "مركبات جدعون".
هذا النمط يعكس نهجًا منهجيًا في توظيف الميثولوجيا الدينية لتبرير العمليات العسكرية والطرد القسري ضمن سردية مقدسة تُضفي على المشروع الاستيطاني بُعدًا رساليًا.
التكرار الاستعماري باسم الأسطورة
عمليات التسمية ليست عشوائية. بل تُستخدم الأساطير والرموز التوراتية لإعطاء الشرعية لأفعال سياسية وعسكرية، خصوصًا عندما تكون موجّهة نحو تغيير ديموغرافي أو طرد سكاني.
في الحالة الفلسطينية، يتكرر المشهد:
- من "يشوع" إلى "جدعون"
- من "أرض الميعاد" إلى "الهيكل الثالث"
كلها رموز تُستخدم لتغليف مشاريع الهيمنة بلغة دينية.
قراءة نقدية
إن تفكيك هذه الرموز مهم لفهم السياق الحقيقي للعمليات الجارية أو المرتقبة. فعندما يُقدَّم الطرد والاحتلال كجزء من نبوءة دينية أو انتصار إلهي، يصبح من الصعب فصل الواقع عن السردية.
الوعي بهذه الخلفيات يتيح فهمًا أعمق لمعادلة القوة والسرد، ويكشف أن ما يُقدَّم كـ"أمن قومي" أو "دفاع مشروع" ليس بالضرورة سوى جزء من مشروع استيطاني طويل الأمد.
✍️ الكاتب: الأستاذ وليد حباس