تحتل ليلة القدر مكانة عظيمة في الإسلام، فهي ليلة وصفها الله تعالى في كتابه العزيز بأنها خير من ألف شهر. وقد خصها الله تعالى بنزول القرآن الكريم فيها، وجعلها موسما للرحمة والمغفرة والعتق من النار. يتطلع المسلمون في كل عام إلى تحري هذه الليلة المباركة وإحيائها بالعبادة والطاعة، خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك .ولأهمية هذه الليلة، فإن التعرف على علاماتها يساعد المسلمين على الاجتهاد فيها بشكل خاص.
العلامات التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم
من ضمن العلامات التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم:
- من العلامات التي وردت في الأحاديث النبوية أن ليلة القدر تكون معتدلة، لا حارة ولا باردة. فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليلة القدر ليلة طلقة (أي معتدلة) لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة". هذا الاعتدال في الجو يعتبر من أبرز العلامات التي يمكن ملاحظتها.
- من العلامات المميزة أن الشمس تطلع في صبيحة ليلة القدر بيضاء صافية ليس لها شعاع، كما ورد في حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه الذي قال: "إن من علامتها أن تطلع الشمس صبيحة تلك الليلة لا شعاع لها مثل الطست حتى ترتفع". وفي رواية أخرى "حمراء ضعيفة".
- يشعر المسلمون في ليلة القدر بسكينة وطمأنينة خاصة، حيث تتنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، وهذا ما يضفي على الليلة جوا من الروحانية والهدوء الذي قد يلحظه الكثير من المؤمنين.
- ورد في بعض الروايات أن ليلة القدر تتميز بنور خاص، وقد قال بعض السلف إنهم كانوا يرون أنوار المساجد والمنائر في ليلة القدر أكثر إشراقا من غيرها من الليالي، وهذا من علامات تميزها.
العلامات الروحية والمعنوية
من العلامات الوحية والمعنوية التي تظهر في لية القدر:
- من العلامات المعنوية التي قد يشعر بها المؤمن في ليلة القدر انشراح الصدر وزيادة الخشوع والإقبال على العبادة بهمة ونشاط غير معتادين. قال بعض العلماء إن المؤمن يجد في نفسه رغبة قوية في العبادة والذكر والدعاء أكثر من غيرها من الليالي.
- من فضائل ليلة القدر أن الدعاء فيها مستجاب، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة رضي الله عنها دعاء تدعو به إذا أدركت ليلة القدر، قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني". والمؤمن الذي يجتهد في الدعاء قد يلحظ سرعة الإجابة وقبول الدعاء في هذه الليلة المباركة.
- من العلامات أيضا أن المؤمن قد يجد سهولة في أداء العبادات، وخاصة صلاة القيام، فلا يشعر بالتعب أو الملل كما في الليالي الأخرى، وهذا من فضل الله على عباده في هذه الليلة.
ليلة القدر في العشر الأواخر
أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى تحري ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وخاصة في الليالي الوترية منها (21، 23، 25، 27، 29). فقد قال صلى الله عليه وسلم:
"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان". وقد ذهب كثير من العلماء إلى ترجيح ليلة السابع والعشرين، استنادا إلى بعض الأحاديث والآثار، منها ما رواه أبي بن كعب رضي الله عنه عندما سئل عنها فقال: "والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان - يحلف ما يستثني - والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين".
من المهم الإشارة إلى أن ليلة القدر تتنقل بين ليالي العشر الأواخر من رمضان، ولا تثبت في ليلة معينة في كل عام، وهذا من حكمة الله تعالى لكي يجتهد المسلمون في إحياء جميع ليالي العشر الأواخر بالعبادة والتقرب إلى الله تعالى.
فضائل ليلة القدر وأهمية إحيائها
من فضائل ليلة القدر:
- قال الله تعالى في كتابه العزيز: "ليلة القدر خير من ألف شهر". وهذا يعني أن العمل الصالح فيها يعادل ثواب العمل في ألف شهر (أي 83 سنة وأربعة أشهر). وهذا فضل عظيم من الله على هذه الأمة.
- قال تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر"، وهذا يدل على عظمة هذه الليلة وارتباطها بأعظم نعمة أنعم الله بها على هذه الأمة، وهي نزول القرآن الكريم.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". وهذا حافز عظيم للمسلمين لإحياء هذه الليلة بالعبادة والتقرب إلى الله تعالى.
الأعمال المستحبة في ليلة القدر
من الأعمال المستحبة في ليلة القدر:
- من أفضل الأعمال في ليلة القدر إحياؤها بالصلاة وقيام الليل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، ويوقظ أهله للصلاة.
- قراءة القرآن الكريم والإكثار من ذكر الله تعالى من الأعمال المستحبة في هذه الليلة المباركة، فهي ليلة تكريم القرآن ونزوله.
- الإكثار من الدعاء والاستغفار، خاصة بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".
- من الأعمال المستحبة أيضا الإكثار من الصدقة والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين، فهو من أعظم القربات إلى الله تعالى.
في ختام هذا المقال عن علامات ليلة القدر الصحيحة، نستخلص أن هذه الليلة المباركة هي فرصة عظيمة من فرص الخير التي منحها الله تعالى لهذه الأمة. وعلى الرغم من أن العلامات المذكورة تساعد المسلم على تحري ليلة القدر، إلا أن حكمة الله اقتضت إخفاءها نسبيا حتى يجتهد المسلمون في إحياء ليالي العشر الأواخر من رمضان كاملة بالعبادة