📁 آخر الأخبار

أجر صلاة التهجد في رمضان

 يعتبر شهر رمضان المبارك موسما عظيما من مواسم الخير والبركة، حيث تتضاعف فيه الحسنات وتمحى السيئات، وتفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار. وفي هذا الشهر الكريم يتسابق المؤمنون إلى أعمال الخير والطاعات، ومن أفضل هذه الطاعات صلاة التهجد في الليل. فقيام الليل من أحب الأعمال إلى الله تعالى، وقد امتدح الله عز وجل القائمين بالليل في كتابه الكريم، وحثّ النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل في أحاديث كثيرة. ويزداد فضل قيام الليل والتهجد في شهر رمضان المبارك لما له من خصوصية ومكانة عظيمة عند الله تعالى

تعريف صلاة التهجد

تعريف صلاة التهجد


التهجد في اللغة مشتق من الهجود، وهو النوم، والتهجد هو السهر بعد نوم.

أما في الاصطلاح الشرعي، فصلاة التهجد هي الصلاة النافلة التي تؤدى في الليل بعد النوم، وهي من صلاة الليل. وقد ورد في فضلها قول الله ت

عالى: ومن اللّيل فتهجد به نافلة لّك عسى أن يبعثك ربّك مقاما مّحمودا [الإسراء: 79].

الفرق بين التهجد والتراويح وقيام الليل

قبل أن نتحدث عن أجر صلاة التهجد في رمضان، لابد من توضيح الفرق بين التهجد والتراويح وقيام الليل:

  • قيام الليل هو مصطلح عام يشمل كل صلاة تطوعية تؤدى في الليل، سواء كانت تراويح أو تهجدا أو غيرهما.
  • صلاة التراويح هي صلاة تؤدى في ليالي رمضان بعد صلاة العشاء وقبل الوتر، وتسمى تراويحا لأن المصلين كانوا يستريحون بعد كل أربع ركعات.
  • صلاة التهجد هي الصلاة التي تؤدى في الليل بعد النوم، وتكون في الثلث الأخير من الليل غالبا، وهي أفضل صلاة نافلة.

أدلة فضل صلاة التهجد من القرآن والسنة

أدلة فضل صلاة التهجد من القرآن والسنة


وردت أدلة كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تبين فضل صلاة التهجد وقيام الليل، منها:

من القرآن الكريم:

  • قال الله تعالى: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس مّا أخفي لهم مّن قرّة أعينٍ جزاء بما كانوا يعملون [السجدة: 16-17].
  • قال الله تعالى: كانوا قليلا مّن اللّيل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون [الذاريات: 17-18].
  • قال الله تعالى: أمّن هو قانت آناء اللّيل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولو الألباب [الزمر: 9].

من السنة النبوية:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" (رواه مسلم).
  • عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما" (متفق عليه).
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" (متفق عليه).

أجر صلاة التهجد في رمضان

أجر صلاة التهجد في رمضان


يتضاعف أجر صلاة التهجد في رمضان لعدة أسباب:

  1. مضاعفة الأجر في رمضان؛ فقد ثبت أن العبادات في رمضان تتضاعف أجورها بشكل عام.
  2. اقتران التهجد بالصيام؛ فاجتماع العبادتين يزيد في الأجر والثواب.
  3. فمن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وليلة القدر تكون في ليالي رمضان، وخاصة في العشر الأواخر منه.
  4. اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العبادة في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وخاصة في العشر الأواخر.
  5. وقد ورد في فضل قيام رمضان عامة حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه).
  6. ويدخل في هذا الحديث صلاة التراويح وصلاة التهجد، فكلاهما من قيام رمضان. ولكن صلاة التهجد في الثلث الأخير من الليل أفضل، لأنها وقت النزول الإلهي وفتح أبواب السماء واستجابة الدعاء، كما ورد في الحديث السابق.

آثار صلاة التهجد على المسلم في رمضان

لصلاة التهجد في رمضان آثار عظيمة على المسلم، منها:

  • تقوية الصلة بالله تعالى؛ فالمتهجد يناجي ربه في ساعة من أفضل ساعات الليل، ويشعر بقربه من الله تعالى وحبه له.
  • تزكية النفس وتطهيرها؛ فقيام الليل يساعد على محاسبة النفس ومراجعة الأعمال والاستغفار من الذنوب.
  • الشعور بلذة المناجاة؛ فالمتهجد يجد لذة في مناجاة ربه وتلاوة كتابه لا يجدها في غيرها من العبادات.
  • زيادة الإيمان والخشوع؛ فالخلوة بالله تعالى في جوف الليل تزيد الإيمان وتورث الخشوع والخضوع.
  • تحقيق البركة في الوقت والرزق؛ فالمتهجد يجد بركة في وقته ورزقه لا يجدها غيره.
  • الشفاء من الأمراض الجسدية والنفسية؛ فقد ثبت أن قيام الليل يساعد على الشفاء من كثير من الأمراض النفسية والجسدية.

كيفية أداء صلاة التهجد في رمضان

كيفية أداء صلاة التهجد في رمضان


لأداء صلاة التهجد في رمضان، يمكن اتباع الخطوات التالية:

  • النية؛  وهي استحضار نية التهجد والإخلاص لله تعالى.
  • الوقت؛ أفضل وقت للتهجد هو الثلث الأخير من الليل، وإن كان يشق على المسلم، فيمكنه أداؤها في أي وقت من الليل بعد النوم.
  • العدد؛ لم يرد تحديد لعدد ركعات التهجد، ولكن الأفضل أن يصلي المسلم ما تيسر له، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة.
  • الكيفية؛ يصلي ركعتين ركعتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى" (متفق عليه).
  • يستحب إطالة القراءة والركوع والسجود في صلاة التهجد، ويمكن قراءة ما تيسر من القرآن.
  • يستحب الإكثار من الدعاء في صلاة التهجد، وخاصة في السجود، فهو أقرب ما يكون العبد من ربه.

آداب صلاة التهجد في رمضان

لصلاة التهجد آداب ينبغي مراعاتها، منها:

  • الإخلاص لله تعالى؛ فيجب أن تكون النية خالصة لله تعالى، بعيدة عن الرياء والسمعة.
  • الخشوع والحضور؛ فينبغي للمتهجد أن يستحضر قلبه وخشوعه في صلاته.
  • تحري وقت الاستجابة؛ وهو الثلث الأخير من الليل، كما ورد في الحديث.
  • فيستحب للمتهجد أن يستاك قبل صلاته، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.
  • افتتاح الصلاة بركعتين خفيفتين؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.
  • إطالة السجود والدعاء فيه؛ فالسجود من أقرب ما يكون العبد من ربه.
  • الاستفتاح بالدعاء المأثور؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.

نصائح لمن أراد المداومة على صلاة التهجد في رمضان

نصائح لمن أراد المداومة على صلاة التهجد في رمضان


للمداومة على صلاة التهجد في رمضان، يمكن اتباع النصائح التالية:

  • فينبغي للمسلم أن ينام مبكرا ليستطيع القيام للتهجد.
  • أخذ قسط من الراحة في النهار؛ وخاصة في شهر رمضان، حيث يمكن للمسلم أن يأخذ قيلولة لتعينه على قيام الليل.
  • تقليل الطعام في السحور؛ فكثرة الطعام تورث النعاس والكسل.
  • الاستعانة بالأهل والأصدقاء؛ فالعبادة الجماعية تشجع على المداومة.
  • التدرج في العبادة؛ فلا ينبغي للمسلم أن يحمل نفسه ما لا تطيق، بل يتدرج في عدد الركعات والوقت.
  • فينبغي للمسلم أن يدعو الله تعالى أن يعينه على قيام الليل والتهجد.

صلاة التهجد في رمضان من أعظم القربات وأحب الأعمال إلى الله تعالى. فهي تجمع بين فضل قيام الليل وفضل شهر رمضان المبارك. وقد وعد الله تعالى المتهجدين بالثواب العظيم والدرجات العالية في الجنة. فيا أيها المسلم، احرص على هذه العبادة العظيمة، ولا تفوت نفسك هذا الخير الكثير، واغتنم ليالي رمضان في التهجد والقيام والدعاء، عسى الله أن يكتبك من المقبولين وأن يجعلك من عتقائه من النار.


تعليقات