تعتبر صلاة الوتر من أهم الصلوات النافلة التي حث عليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتزداد أهميتها خلال شهر رمضان المبارك. فهي خاتمة صلاة الليل وختام لعبادة اليوم، ولها فضل عظيم ومكانة خاصة في قلوب المسلمين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن". وفي هذا المقال سنتناول بالتفصيل كيفية أداء صلاة الوتر في رمضان، وأهميتها، وفضلها، والأوقات المستحبة لأدائها، بالإضافة إلى الأحكام المتعلقة بها.
تعريف صلاة الوتر
صلاة الوتر هي صلاة نافلة تؤدى في
الليل، وسميت بالوتر لأنها تختم بركعة واحدة، فيكون عدد ركعاتها وترا (فردا) وليس شفعا (زوجا). والوتر في اللغة: الفرد، أي الذي لا نظير له، وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى".حكم صلاة الوتر
اختلف العلماء في حكم صلاة الوتر على قولين:
- سنة مؤكدة؛ وهو رأي جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث هن علي فريضة وهن لكم تطوع: الوتر، وركعتا الفجر، والأضحى".
- واجبة؛ وهو رأي أبي حنيفة، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله زادكم صلاة، ألا وهي الوتر، فصلوها ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر".
- والراجح هو أنها سنة مؤكدة، لكن ينبغي للمسلم المحافظة عليها، خاصة في شهر رمضان الذي تتضاعف فيه الأجور والحسنات.
وقت صلاة الوتر
يبدأ وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء ويستمر حتى طلوع الفجر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا". ويمكن تقسيم وقت الوتر إلى ثلاثة أقسام:
- أول الليل، من بعد صلاة العشاء إلى ثلث الليل الأول.
- وسط الليل، من ثلث الليل الأول إلى ثلثي الليل.
- آخر الليل، من ثلثي الليل إلى طلوع الفجر.
والأفضل لمن يثق بقيامه آخر الليل أن يؤخر الوتر إلى آخر الليل؛ لأن صلاة آخر الليل مشهودة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل".
أما من لا يثق بقيامه آخر الليل فالأفضل له أن يصلي الوتر قبل النوم حتى لا تفوته هذه السنة المؤكدة.
عدد ركعات الوتر
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بركعة، وثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة ركعة. والمسلم مخير بين هذه الأعداد بحسب ما يتيسر له. والأفضل في شهر رمضان أن تكون إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
كيفية أداء صلاة الوتر في رمضان
هناك عدة كيفيات لأداء صلاة الوتر في رمضان، منها:
- الكيفية الأولى: الوتر بركعة واحدة
وهي أن يصلي المسلم ركعة واحدة منفردة ينوي بها الوتر، ويقرأ فيها بعد الفاتحة سورة الإخلاص.
- الكيفية الثانية: الوتر بثلاث ركعات
وهي على وجهين:
- أن يصلي ثلاث ركعات متصلة بتشهد واحد في نهاية الركعة الثالثة، مثل صلاة المغرب، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الأعلى، وفي الثانية سورة الكافرون، وفي الثالثة سورة الإخلاص والمعوذتين.
- أن يصلي ثلاث ركعات منفصلة، ركعتين بتسليمة، ثم ركعة منفردة بتسليمة، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الأعلى، وفي الثانية سورة الكافرون، وفي الثالثة سورة الإخلاص والمعوذتين.
- الكيفية الثالثة: الوتر بخمس ركعات
يصلي خمس ركعات متصلة، لا يجلس إلا في الركعة الخامسة للتشهد والتسليم، ويقرأ في كل ركعة ما تيسر من القرآن.
- الكيفية الرابعة: الوتر بسبع ركعات
يصلي سبع ركعات متصلة، لا يجلس إلا في الركعة السابعة للتشهد والتسليم، ويقرأ في كل ركعة ما تيسر من القرآن.
- الكيفية الخامسة: الوتر بتسع ركعات
يصلي تسع ركعات، يجلس للتشهد في الركعة الثامنة ولا يسلم، ثم يقوم للركعة التاسعة فيتشهد ويسلم.
- الكيفية السادسة: الوتر بإحدى عشرة ركعة
يصلي إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ركعتين، ثم يختم بركعة واحدة، وهذه هي الطريقة الأكثر شيوعا في المساجد خلال صلاة التراويح في رمضان.
القنوت في صلاة الوتر
القنوت في الوتر سنة مؤكدة، خاصة في النصف الأخير من رمضان. ويكون القنوت في الركعة الأخيرة من الوتر بعد الرفع من الركوع، ويدعو المصلي بدعاء القنوت المأثور:
- (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت).
- ويجوز الزيادة على هذا الدعاء بما ورد من الأدعية المأثورة أو بما يناسب حال المسلم وحاجته، ويستحب أن يرفع يديه أثناء الدعاء.
فضائل صلاة الوتر
لصلاة الوتر فضائل عديدة، منها:
- أنها من أعمال أهل الإيمان: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن".
- أنها سبب لدخول الجنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام".
- أنها من صفات المتقين: قال تعالى: "كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون".
- أنها سبب للتقرب إلى الله والفوز برضاه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام الليل فصلى، ثم أوتر قبل الصبح، فقد أدرك الوتر".
نصائح لأداء صلاة الوتر في رمضان
من النصائح المهمة:
- الحرص على أداء صلاة الوتر جماعة: إذا كان ذلك متاحا في المسجد القريب، فإن صلاة الجماعة لها فضل عظيم.
- المداومة على صلاة الوتر: سواء في رمضان أو غيره، فهي سنة مؤكدة لا ينبغي تركها.
- اختيار الوقت المناسب: لأداء صلاة الوتر بحسب الظروف الشخصية، مع مراعاة أن آخر الليل أفضل لمن يثق بقيامه.
- التنويع في كيفيات الوتر: لتجديد النشاط والخشوع في الصلاة.
- الحرص على القنوت في الوتر: خاصة في النصف الأخير من رمضان.
- الدعاء بخشوع وحضور قلب: واستحضار عظمة الله تعالى أثناء القنوت.
- قراءة السور المسنونة: في الوتر، كسورة الأعلى والكافرون والإخلاص.
صلاة الوتر من أجل العبادات وأعظمها أجرا، خاصة في شهر رمضان المبارك. وقد وضحنا في هذا المقال كيفيات متعددة لأداء صلاة الوتر بما يتناسب مع قدرات المسلمين واختلاف أحوالهم، وبيّنا فضلها وأهميتها وأوقاتها. فلنحرص جميعا على المحافظة على هذه السنة المؤكدة، وخاصة في ليالي رمضان لنيل الأجر والثواب من الله تعالى.