📁 آخر الأخبار

 زمان، كان للكرنب مواسم خاصة، وجارتنا كانت تعشق المحشي. كانت تحضره بطريقة رائعة، دائمًا ما كانت تأتي بالكرنب أول واحدة في العزبة. كانت بيوتنا تتشارك الأسرار، وبيت جارتنا كان أمام بيتنا. ولكن، كانت رائحة المحشي تفضح أسرار البيوت خلف الجدار، خصوصًا عندما يُطهى على الكانون.

  

 

العشاء وتبادل الأطباق

العشاء كان بعد صلاة المغرب مباشرة. أذكر حينما جاءت جارتنا تحمل طبقًا من المحشي، تنادي على ستي لتقول لها: "خدي المحشي اللي بتحبيه، عملته ببواقي شوربة البط السوداني من مبارح." ستي ردت عليها: "استني لم نجيبلك الطبق." لكن جارتنا أصرت: "مش ودوها، هاتيه براحتك."

ستيتنا وزعت علينا الطبق. كل واحد أخذ إصبع من المحشي، وكانت طعمه رائعًا، ولا يزال طعمه في فمي من 35 سنة.

الرز باللبن

بعد نصف ساعة، أرسلتني ستي إلى جارتنا بطبق مليء بالرز باللبن، وعليه صحن من السمن البلدي في وسطه. كان عشاء ذلك اليوم. قالت لي: "خد أختك وروح ودي لجارتنا الرز باللبن."

هناك فرق بين الرز باللبن والرز بالحليب. اللبن هنا هو الذي يُستخرج من خض الزبدة. جيراننا لم يكونوا يمتلكون حيوانات في ذلك الوقت، ولم يكن لديهم اللبن.

العلاقات في القرية

في الريف قديمًا، لم يكن أحد يبيع اللبن. كان الجيران يتبادلون أنواع الطعام كنوع من المحبة والود، حيث كانت البيوت مليئة بالعلاقات الطيبة من نسب وصهر. العم كان يذهب لجارته أو ابن عمها، وكان يُقدَّم له الطعام حتى لو كانت هناك لحمة.

كان الطبق الدوار يتنقل من بيت لآخر. حتى المقادير البسيطة مثل الشاي والسكر كانوا يستلفونها من بعضهم. أمي كانت تستيقظ مبكرًا لتحلب وتجعل الجبنة وتسيح السمن وتخرج المورتة، وكانت تأخذ بعض الأطباق لتهديها للجيران الذين لا يملكون حليبًا.

ستيتنا كانت تقول: "دي صدقة عن مواشينا."

عادات جميلة

في ذلك الزمن، كانت هناك بركة في البيوت. كان الجار يشعر بالخجل إذا شمت رائحة الطعام في بيته ولم يُهدِ جاره شيئًا. حتى قشر الفاكهة كان عيبًا يتم رميه في الطريق، حتى لا يرى ابن الجار القشر ويشعر بالحزن.

كانت الملابس تُستلف من بعضهم، وكانت تلك العادات الجميلة سائدة.

ذكريات مُحملة بالمشاعر

لهذا نحن نعيش الآن مستغربين مما يحدث، نتذكر الزمن الذي مضى والذي استُلب منا. أرجو أن تشاركوني ذِكرياتكم بالعادات الجميلة من ذلك الزمن، وأدعوكم لقراءة هذه الكلمات لأبنائكم ليتعرفوا على الأشخاص الذين عاشوا في ذلك الوقت.

المستشار التربوي
المستشار التربوي
أنا شغوف بتحسين التعليم وإثراء المحتوى الإعلامي. بدأت هذا الاهتمام منذ سنوات عديدة عندما لاحظت الفجوة الكبيرة بين ما يُدرس في المدارس وما يحتاجه الطلاب لمواجهة تحديات الحياة الحديثة. لهذا السبب، قررت أن أكرس حياتي المهنية لتطوير استراتيجيات تعليمية مبتكرة وتقديم استشارات فعالة للأفراد والمؤسسات. إذا كنت تشارك نفس الاهتمام أو تحتاج إلى استشارات في مجال التعليم أو الإعلام، فلا تتردد في التواصل معي. أنا هنا لمساعدتك ودعمك في رحلتك التعليمية والإعلامية.
تعليقات