يبدو
أن العلاقة بين المصريين ومحمد صلاح قد تحولت إلى نوع من السيرك المليء
بالتوقعات غير الواقعية والخيال الذي لا ينفك عن تغييره. إن ما يحدث يذكرني
بأقوال الدكتور أحمد خالد توفيق، حيث توضح كيف يمكن للتوقعات المرتفعة أن
تؤدي إلى إحباطات متتالية وأسئلة بلا إجابات.
المصريون يتعاملون مع
صلاح كـ "فارس أحلام"، الشخص الذي يجب أن يكون متدينًا، مثقفًا، نبيلًا،
وبطلًا حقيقيًا يواجه كافة التحديات. لكن النتيجة هي أن صلاح، بعد أن أصبح
رمزًا، يجد نفسه مضطراً للعيش في ظل توقعات مبالغ فيها لا يمكن لبشر
تحملها. إنه يُطلب منه أن يكون كل ما يريدونه: القدوة، المحارب، المثقف،
والشخصية العامة التي تعبر عن صوتهم.
وعندما يأتي صلاح برسالته
الخاصة، أو بأي تعبير عن آرائه، يتحول الأمر إلى فقدان للتوازن، حيث يُحمل
أعباءً تفوق طاقته. ويظهر أن صلاح بعيد عن أن يكون مثلاً عالياً، فهو فقط
لاعب كرة قدم، وليس داعية أو سياسيًا أو مثقفًا يسعى لتغيير العالم. وهذا
أمر طبيعي، فالكثير من أساطير كرة القدم حول العالم، مثل ميسي وكريستيانو
رونالدو، لا يتحملون أعباء إضافية غير تلك المتعلقة بما يجيدونه.
المشكلة
تكمن في السياق الاجتماعي والسياسي الذي يعيش فيه المصريون، حيث أُغلقت
عليهم الخيارات وأُلقيت بأحمال الإحباط واليأس على كاهل شخص واحد. صلاح
يمثل الأمل للكثيرين، ولكن في نفس الوقت، ليس من العدل تحميله كل تلك
الآمال والانتظارات.
لابد أن يعود الجمهور لتركيز الاهتمام على
مهارات صلاح وعطاءاته داخل الملعب، والاستمتاع بالجنون الذي يقدمه في كل
مباراة، دون أن يكون هناك ضغط مبالغ فيه للخروج بشخصية أو نموذج مثالي. من
الأفضل أن يُترك المحترفون في مجالاتهم ليؤدوا ما يجيدونه، دون أن يُطلب
منهم أن يكونوا أكثر من ذلك.
دعوة أخيرة:
أتمنى
أن يستمتع المصريون بمشاهدة محمد صلاح كما يُستحق، وأن يبتعدوا عن تحميله
أعباء إضافية. كما أتمنى لصلاح نفسه أن يستمر في إبداعه دون أن يتأثر
كثيرًا بتوقعات الآخرين، وأن يُدرك أنه لا يوجد إنسان واحد يمكن أن يكون حل
لكل المشاكل والأحلام. دعونا نستمتع بكرة القدم ولندع الأبطال في ملاعبهم.