خطبة منبرية بعنوان: الصَّلاة من الإيمان
يوم الجمعة 05 جمادى الأولى 1446هـ، الموافق لـ 08/11/2024م
الخطبة الأولى:
الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدِّين، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه ونتوكل عليه. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه، صلاةً وسلاماً دائمين بدوام ملك الله، وعلى التابعين لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
أما بعد، معاشر المؤمنين، يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
﴿وَمَا كَانَ اَ۬للَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمُۖ﴾ [البقرة: 143]،
أي: صلاتكم. فقد ذكر الإمام البخاري رحمه الله أن المقصود بالإيمان في هذه الآية هو الصلاة، والتي جاء فيها هذا التعبير لما لها من أثر في تثبيت الإيمان في القلب. فقد نزلت هذه الآية بعد تساؤل الصحابة عن مصير صلوات من أدوا صلاتهم قبل تحويل القبلة.
عباد الله، إنما سمى الله تعالى الصلاة إيماناً لما لها من فضل وأثر كبير على تقوية الإيمان. فهي صلة بين العبد وربه، وأعظم ركن بعد التوحيد، فيها يقف العبد خاشعاً بين يدي الله، يُظهر فيها خضوعه وتواضعه، وتربيه على النظام والانضباط، وتعلمه أن يصطف جنباً إلى جنب مع إخوانه المؤمنين.
الصلاة في حياة المسلم:
عندما يخرج المؤمن من صلاته، فإنه يخرج أقوى إيماناً، طاهراً نفساً، نقياً قلباً، مكرماً في أخلاقه، تائباً مستغفراً، متقرباً إلى الله عز وجل، ويحصل على مغفرة الذنوب، ويبتعد عن الفواحش والمنكرات. قال تعالى:
﴿إِنَّ اَ۬لصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ اَ۬لْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِۖ﴾ [العنكبوت: 45].
إن المواظبة على الصلاة وحضورها يقربان العبد إلى الله ويبعدانه عن الذنوب والمعاصي، كما قال سبحانه وتعالى:
﴿وَأَقِمِ اِ۬لصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اِ۬لنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اَ۬لْلَيْلِۖ إِنَّ اَ۬لْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اَ۬لسَّيِّـَٔاتِ﴾ [هود: 114].
فالصلوات المتتابعة تجدد الإيمان في القلب، إذ قال رسول الله ﷺ في حديث حنظلة:
"لَوْ تَدُومُون على ما تَكُونون عندي وفى الذِّكْر لصَافَحَتْكُم الملائكة على فُرُشِكُم وفي طُرُقِكم، ولكن ساعة وساعة" (صحيح مسلم).
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين.
عباد الله، الصلاة هي ملجأ المؤمن حين تشتد عليه الأمور، ففيها يتقرب إلى الله تعالى، مستعيناً بالصبر والدعاء، كما أمرنا الحق جل جلاله في قوله:
﴿يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪سْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَوٰةِ﴾ [البقرة: 153].
إن الصلاة تربي القلب على الخشوع، وتملؤه بالخضوع لربه، وتمنح النفس السكينة، وتحقق للمؤمن الثبات، فيصطف بجانب إخوانه في صلاة الجماعة، يقف متواضعاً، يملؤه حب الطاعة والتقرب إلى الله.
عن رسول الله ﷺ قال:
"أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كلَّ يومٍ خمساً، ما تَقُولُون: هل يُبْقِي من دَرَنِهِ شيئاً؟ قالوا: لا يُبْقِي من دَرَنِهِ شيئاً. قال: "فذلك مثلُ الصَّلوات الخمس يمحو الله به الخطايا" (صحيح البخاري).
فلنحافظ، عباد الله، على صلواتنا في أوقاتها، فهي عنوان الإيمان، ومفتاح الطمأنينة، وسر السكينة.
نسأل الله أن يجعلنا من المحافظين على الصلاة، المتمسكين بأمر الله، آمين.
اللهم صلِّ وسلِّم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.