الوالدان هما أعظم نعمة وهبها الله تعالى للإنسان، فهما المصدر الأول للحب والرعاية والتوجيه في الحياة. وبر الوالدين ليس مجرد واجب ديني، بل هو تعبير عن الامتنان و الوفاء لهما على ما بذلاه من جهد ووقت في رعايتنا وتربيتنا. وقد أكد القرآن الكريم والسنة النبوية على أهمية بر الوالدين، وأوصى بهما في العديد من الآيات والأحاديث، مما يجعل البر بهما فريضة دينية وأخلاقية لا يمكن التفريط فيها.
أهمية بر الوالدين في القرآن الكريم
يعتبر بر الوالدين من أعظم الأعمال التي يحبها الله سبحانه وتعالى. فقد وردت العديد من الآيات التي تحث على الإحسان إليهما، ومنها:
-
قال تعالى في سورة الإسراء (آية 23):
"وَقَضى رَبُّكَ أَلا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا"
هذه الآية الكريمة تبيّن عظمة بر الوالدين، وتحذر من أي تصرف غير لائق تجاههما، حتى لو كان بسيطًا مثل قول "أف" أو رفع الصوت عليهما.
قال تعالى في سورة لقمان (آية 14):
- "وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عامَيْنِ ۚ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ"
هنا، نجد شكر الله يرتبط بـ شكر الوالدين، مما يشير إلى أن الاعتراف بتعب الوالدين هو من أسمى أنواع الشكر لله عز وجل.
أحاديث نبوية عن بر الوالدين
وقد جاءت الأحاديث النبوية لتؤكد ما جاء في القرآن الكريم من دعوة إلى بر الوالدين. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
قال صلى الله عليه وسلم أيضًا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة" (رواه مسلم).
هذا الحديث يظهر عظمة بر الوالدين ويبين أن البر بهما من أهم الأسباب التي تقود إلى دخول الجنة.
"إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يوَلَّ" (رواه البخاري).
في هذا الحديث، يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن صلة الرحم لا تقتصر على الوالدين فقط في حياتهم، بل تمتد حتى بعد وفاتهما. - "وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عامَيْنِ ۚ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ"
بر الوالدين في شعر العرب
لقد اهتم الشعراء العرب أيضًا بموضوع بر الوالدين وكتبوا فيه العديد من الأبيات التي تُظهر عظمة الدور الذي يلعبه الوالدان في حياة الأبناء. من أبرز الأبيات التي تجسد ذلك:
- قال الشاعر الإمام الشافعي:
- "أريدُ ولكنْ برَّ الوالِدَينِ... يا نَعْمَ من رُكنٍ كُلّهُ وحدِّث"
في هذا البيت، يعبر الشاعر عن مدى الراحة والطمأنينة التي يجدها الابن عندما يولي رعاية الوالدين أولوية في حياته.
- "أريدُ ولكنْ برَّ الوالِدَينِ... يا نَعْمَ من رُكنٍ كُلّهُ وحدِّث"
كيف نبر والدينا؟
بر الوالدين لا يقتصر على الأقوال فقط، بل يجب أن يكون سلوكًا يوميًا يترجم إلى أفعال. هنا بعض الطرق التي يمكننا من خلالها بر الوالدين:
- الاحترام والتقدير:
يجب أن نعامل والدينا بأقصى درجات الاحترام، وأن نظهر لهما التقدير في أقوالنا وأفعالنا.
الجلوس معهما والاستماع إليهما:
الدعاء لهما:
من أعظم طرق بر الوالدين هو الدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، سواء كانا على قيد الحياة أو بعد وفاتهما. في القرآن الكريم، أمرنا الله تعالى بالدعاء لوالدينا:
"رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ" (سورة الإسراء).
الإحسان إليهما:
يمكننا بر والدينا عن طريق خدمتهم، خاصة في كِبَرِ سنّهم، و الاعتناء بهم بشكل دائم.
في بعض الأحيان، يحتاج الوالدان إلى الجلوس معهما والاستماع إلى مشاكلهما وتقديم النصيحة، وهو من أفضل الطرق لتعبير عن البر.
خاتمة التعبير:
إن بر الوالدين هو واجب ديني وأخلاقي في الوقت نفسه، ويجب على كل مسلم أن يحرص على أن يكون بارًا بوالديه في جميع مراحل حياتهم، لأنهما كانا السبب في وجودنا ورعايتنا. وبر الوالدين ليس مجرد شعور عابر، بل هو استمرار للوفاء والعرفان بالجميل الذي لا يمكن أن يكون مكافأً له. وبتطبيق هذا البر، يزداد الإنسان قربًا من الله، ويحقق النجاح في الدنيا والآخرة.