قال الشاعر هذه القصيدة مادحًا الشباب، وحاثًّا إياهم على التعلم، وعاقدًا الأمل عليهم في المحافظة على البلاد والنهوض بالأمة. في هذه القصيدة يعقد موازنة بين أبناء جيله وهؤلاء الشباب، شباب المستقبل الطاهرين، الذين هم الأمل والمثل العليّ الذي ستنار الطريق بهم.
القصيدة:
يا عاكفين على الدروس كأنهم
غُلْبُ الصُّقورِ من الظّماء تلوبُ
تركوا مواعيدَ الحِسانِ وعندَهُم
بين المقاعدِ مَوْعدٌ مَضروبُ
أشهى من الوجهِ الجميلِ إليهم
وجهُ "الكتابِ" وَوُدُّهُ المخطوبُ
وزَكتْ عواطِفُكُمْ فأَيَّةُ ثروةٍ
منها نكافىءُ مُخلِصاً ونُثيبُ
ولأنتُمُ أنْتُمْ – وليس سواكمُ –
أملُ البلادِ وذُخْرُها المطلوبُ
ولأنتمُ إن شوَّشَتْ صفحاتِنا
مِمَّا أُجِدَّ نقائِصٌ وذُنوبُ
الطَّاهِرونَ كأنَّهمْ ماءُ السّما
لَمْ يَلْتَصِقْ دَرَنٌّ بِهِمْ وعيوبُ
إنّا وقدْ جُزْنا المَدَى وتقارَبَتْ
آجالُنا، وأمَضّنا التجريبُ
وتحالفتْ أطوارُنا وتمازَجَتْ
ونَبَا بنا التَّقريعُ والتَّأنيبُ
وتخاذَلَتْ خُطواتُنا مِنْ فَرْطِ ما
جَدَّ السُّرى، والشّدُّ، والتَّقريبُ
لنَراكُمُ المثلَ العَلِيَّ لأمّةٍ
ترمي إلى أهدافها وتُصيبُ
هي أُمّةٌ لم تحتضنْ آمالها
وغدًا إلى أحضانِكُمْ ستؤوبُ
فتماسكوا فغَدٌ قريبٌ فَجْرُهُ
منكم، وكلُّ مُؤمَّلٍ لَقَريبُ
وتَطلّعوا يُنِرِ الطريقَ أمامَكم
قبَسٌ يشعُّ منارهُ، مَشبوبُ
الشرح المفصّل:
- البيت الأول: ينادي الشاعر الطلاب الذين يلتزمون بالدروس باجتهاد، مشبهًا إياهم بالصقور العطشى التي تلتف حول الماء، مما يعكس شغفهم بالعلم.
- البيت الثاني: يصف الشاعر الشباب بأنهم تركوا ملذات الحياة ومفاتنها والتزموا بمواعيد دراستهم، مشيرًا إلى أن مقاعد الدراسة أصبحت أحب إليهم من اللقاءات الاجتماعية.
- البيت الثالث: يوضح الشاعر أن وجه الكتاب أكثر إغراءً للشباب من وجه الفتاة الجميلة، ويستخدم استعارة تعكس حبهم للعلم.
- البيت الرابع: يشيد الشاعر بنقاء عواطف الشباب، مؤكدًا أن هذا النقاء لا يمكن أن يُقدَّر بأي ثروة مادية.
- البيت الخامس: يؤكد الشاعر أن الشباب هم الأمل الذي ستعتمد عليه البلاد في المستقبل، فهم الذين سيحافظون على مستقبلها.
- البيتان السادس والسابع: يعبر الشاعر عن أن الشباب الطاهرين سيظلون نقاء الأمة، حتى لو شابت صفحات التاريخ بعض الأخطاء.
- البيت الثامن: يقارن الشاعر بين جيله الذي أنهكه الزمن والتجارب وبين الشباب، ويعترف بأن الأجيال السابقة قد أضاعت بعض الفرص.
- البيت التاسع: يستمر الشاعر في مقارنة جيله الذي خاض تجارب الحياة بتقلباتها المختلفة وبين الشباب، مشيرًا إلى أن الخلافات والتجارب أنهكتهم.
- البيت العاشر: يؤكد الشاعر أن الإصرار والتسرع أضعفا خطى جيله، مما جعلهم غير قادرين على المضي قدمًا.
- البيت الحادي عشر: يشيد الشاعر بالشباب مجددًا ويؤكد أنهم المثل الأعلى لأمة تسعى لتحقيق أهدافها بنجاح.
- البيت الثاني عشر: يعبر الشاعر عن أمله في أن الشباب هم الذين سيحققون طموحات الأمة التي لم تتحقق في الجيل السابق.
- البيت الثالث عشر والرابع عشر: يدعو الشاعر الشباب إلى الوحدة والتمسك، مؤكدًا أن المستقبل المشرق قريب بفضل جهودهم، وأنهم يجب أن يتطلعوا إلى الأمام لتحقيق النجاح.
سمات القصيدة:
- جزالة الألفاظ: استخدم الشاعر ألفاظًا قوية تعبر عن المعاني بشكل دقيق.
- التصوير الجميل: استخدم الشاعر العديد من الصور الفنية التي تضفي جمالًا على القصيدة.
- الوعظ والإرشاد: تسعى القصيدة إلى إرشاد الشباب وتوجيههم نحو العلم والمثابرة.
- أساليب الإنشاء: استخدم الشاعر العديد من أساليب الإنشاء، مثل الأمر والنداء، لإضفاء روح التوجيه والنصح.
التحليل اللغوي:
- المفردات: استخدم الشاعر كلمات قوية وذات دلالات واضحة تعبر عن الفخر بالشباب وأهمية العلم.
- الصور الفنية: مثل تشبيه الشباب بالصقور والماء الصافي يعكس نقاءهم وإخلاصهم.
- الأفعال: تميز النص باستخدام الأفعال الدالة على الحركة والعمل، مما يعكس الاجتهاد والتفاؤل.
- الأسماء المضافة والمشتقة: استخدم الشاعر العديد من أسماء الفاعلين والمفعولين والأسماء المشتقة لتعزيز المعنى.